02 - 10 - 2025

انتباه | الأمل في مصر

انتباه | الأمل في مصر

مصر التي نكتب عنها ليست مجرد جغرافيا على خريطة، ولا مجرد سكان على ضفتي نهر. إنها عبر التاريخ مركز ثقل في ميزان الشرق، نقطة توازن حين يختل، وميزان شرعية حين تُختبر الأمم، ومؤشر على ما يمكن أن يكون أو لا يكون.

اليوم تواجه مصر لحظة دقيقة، تتجاوز حدود الأزمات الاقتصادية التي تلهب حياة الناس اليومية. الأزمة الحقيقية ليست في الأرقام وحدها، بل في تآكل الدور، وتراجع التأثير، وتعدد المخاطر التي تحاصرها من الداخل والخارج. 

الداخل يئن تحت وطأة الضغوط المعيشية، وتراجع الثقة، وانكماش المجال العام. والخارج يعيد ترتيب خرائط النفوذ في المنطقة، دون أن تكون مصر في قلب المعادلة، كما كانت ذات يوم.

كانت مصر يومًا "الرافعة" التي إن تحركت، تحرك معها الإقليم بأسره. كانت صانعة المبادرة، لا مجرد متلقية لها. اليوم تُدار من موقع الدفاع لا من موقع الهجوم، تُراقب أكثر مما تُقرر، تُحذّر لكنها لا تعيد تشكيل المشهد. هذا التراجع لا يُقرأ فقط في ضوء البيانات والمؤشرات، بل في ضوء الغياب عن الأدوار الكبرى، تلك التي كانت تصنع تاريخ المنطقة، وتحدد اتجاه رياحها.

ومع ذلك، فإن مصر لا تُقاس بما هي عليه في لحظة عابرة، وإنما بما يمكن أن تكون عليه إذا استعادت ذاتها. فمصر تملك رصيدًا من التاريخ والجغرافيا والقدرة على إنتاج مشروع يتجاوز حدودها. مصر حين تنهض لا تنهض وحدها، وحين تتراجع لا تتراجع وحدها. إنها المركز الذي قد يُقصى مؤقتًا من المشهد، لكنه لا يُمحى من المعادلة.

الأمل في مصر ليس مجرد حلم رومانسي، بل حقيقة موضوعية، تثبتها تجارب التاريخ. هذه البلاد إذا استعادت مشروعها، استعادت الأمة معها أفقًا جديدًا، وإذا انكفأت، انكفأ الجميع معها. ولأنها ضرورة، فإن لحظة الاستعادة ليست اختيارًا مؤجلًا، بل مسألة حياة للإقليم كله.
------------------------
بقلم: محمد حماد


مقالات اخرى للكاتب

انتباه | عبد الناصر.. وما زال الكلام قاصرًا